الأربعاء، 13 يناير 2016

دعوة الإسلام إلى الأمانة


" يا أيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " ( الأنفال 27 )
الأمانة خلق جميل، وهي من أعظم الصفات التي يتصف بها الصالحون، وقد أمر الله عز وجل عباده المؤمنين بأداء الأمانات إلى أصحابها فقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ ( النساء  58).
كما دعانا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى التخلق بخلق الأمانة فقال : " أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك".  ( رواه أبو داود ). 
الأمانة طاعة لله وتنفيذ لتعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فضل الأمانة:
• إن الإنسان الأمين يحبه الله تعالى ويرضى عنه كما يحبه رسوله صلى الله عليه وسلم وقد أعد الله تعالى للإنسان الأمين منزلة عظيمة في الآخرة وهي جنة الفردوس أعلى مراتب الجنة، فقد قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ .
 • إن انتشار الأمانة تزيد الثقة والطمأنينة بين أفراد المجتمع، كما إنها تقوي المحبة والأخوة والتعاون بيننا والأمين يحبه الناس ويحترمونه ويتعاملون معه ويثقون به أما غير الأمين فإنهم يبتعدون عنه، وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن نكون غير أمناء فنصبح من ضعفاء الإيمان أو المنافقين فقال: " آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف, وإذا أؤتمن خان "(رواه البخاري ومسلم).

 وقال أيضاً: "لا إيمان لمن لا أمانة له(رواه أحمد).
الصادق الأمين أسوة المؤمنين:
•  تولى الله سبحانه وتعالى تربية نبيه صلى الله عليه وسلم وتأديبه فكان أكمل الناس خلقاً، وأعظمهم أدبًا وأرجحهم عقلاً وقد اشتهر صلى الله عليه وسلم بين أهل مكة قبل الإسلام بالاستقامة والصدق والأمانة فلقبوه بالصادقالأمين.

•  وكان النبي صلى الله عليه وسلم موضع ثقة أهل مكة جميعاً فكان كل من يملك شيئًا يخاف عليه من الضياع يضعه أمانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي يحافظ على هذه الأمانة ويردها إلى صاحبها كاملة غير منقوصة حين يطلبها، وعندما اشتد أذى المشركين له صلى الله عليه وسلم أذن الله له بالهجرة من مكة إلى المدينة وكان عند النبي أمانات كثيرة لهؤلاء الكفار وغيرهم فلم يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن كلَّف ابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه برد كل تلك الأمانات إلى أهلها فقام علي رضي الله عنه بتلك المهمة على خير وجه فعلينا أن نتخذ النبي صلى الله عليه وسلم قدوة لنا في كل أمورنا فقد رأيناه صلى الله عليه وسلم حريصاً على رد الحقوق إلى أهلها في حين أن أصحاب تلك الحقوق كانوا يريدون قتله.

من صور الأمانة:
 إن الأمانة التي أمرنا الله - تعالى - أن نحافظ عليها، ونؤديها لأصحابها لا تكون بحفظ أموال الناس فحسب، وإنما تكون في أشياء أخرى كثيرة:
• فإذا أعطاك أحد أي شيء حتى ولو كان رخيصًا، وقال لك احفظه لي وديعة عندك حتى اطلبه منك فهو أمانة.

• وأداء العبادات التي كلفنا الله بها كالصوم والصلاة هي أهم أمانة، فالصلاة عندما نؤديها في وقتها، ونتم ركوعها وسجودها باهتمام وخشوع دون تقصير أو إهمال، نكون بذلك قد أدينا الأمانة.

• وعدم الغش في البيع أو الشراء أمانة، والتاجر الأمين هو من ينصح المشتري، ولا يبيعه سلعة قبل أن يوضح له كل ما فيها، ولا يحاول أن يخفي عيوبها، ويبتعد عن الغش بكل أنواعه، قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا " ( رواه مسلم ) .

• والمحافظة على المواعيد أمانة، فإذا أعطيت زميلًا لك موعدًا باللقاء فعليك أن تذهب إليه في الموعد المحدد بالضبط ولا تتأخر أو تتخلف عن الموعد.

• العلم أمانة، وإفادة الناس بما تعلمناه أمانة.

• وتأدية العمل بإتقان، ودون إهمال أمانة، فالتلميذ أمين على دروسه وواجباته المدرسية ولا يغش في الامتحان ولا يغشش غيره، والمعلم أمين على العلم والمتعلمين، والموظف أمين على وظيفته، وعليه مساعدة الناس دون إبطاء أو تقصير، والجندي أمين على وطنه يحافظ عليه من الأعداء، والأم أمينة على بيتها وتربية أولادها وكل ما يكلف به الإنسان من عمل مفيد له وللناس أمانة عليه أن يؤديها.

• وحفظ أسرار الآخرين أمانة.

• ونقل رسالة كلَّفك بها إنسان أمانة.

• وأن تشهد في موقف ما بما رأيته من غير تغيير أمانة.

• والوقت أمانة، فلا تقضه إلا في الطاعة أو الأمر المباح، ولا تقضه فيما يغضب الله.


الاثنين، 11 يناير 2016

موضوع عن الصدق والكذب


الصدق منجاة والكذب خيبة وخسران واجمل ما يتحلى به الانسان صفة الصدق التي تورث صاحبها الاحترام والمحبة وقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
صديقا وسمى الصادق الامين فما اجمل ان يتحرى الانسان الصدق في اقواله وافعاله حتى يكتب عند الله صديقا ...
اعلم أن لفظ الصدق يستعمل في ستة معانٍ: صدق في القول، وصدق في النية والإرادة، وصدق في العزم، وصدق في الوفاء بالعزم، وصدق في العمل، وصدق في تحقيق مقامات الدين كلها، فمن اتصف بالصدق في جميع ذلك فهو صدِّيق لأنه مبالغة في الصدق
الكذب آفة تهدم المجتمعات الكذب خصلة ذميمة وصفة قبيحة وعمل مرذول وظاهرة إجتماعية انتشرت مع الأسف في أوساط الكثيرين، في المنتديات والمجالس والعلاقات والمعاملات وقلَّ أن يسلم منه الصغير والكبير والذكر والأنثى، والناس فيه بين مقل ومستكثر إلا من رحم الله.
حتى كاد الكذب أن يكون بضاعة التجار والأزواج والأولاد والزيجات والكتاب والإعلامين وأهل الفن ويكاد الواحد لايعرف صادق ولو وجده عامله على حذر لكثرة الكذابين، وتعريف الكذب في شرع الله هو كل كلام مخالف للحقيقة سواء كان مزحاً أو جد أو على غضب الصدق من الأخلاق الحميدة والصفات الجميلة وهو أصل الإيمان وأساس النجاة من عذاب الواحد الديان.
والكذاب آثم وعواقب الكذب خطيرة على الفرد والمجتمع والكذب دليل على ضعف النفس وحقارة الشأن وقلة التقوى، والكذاب مهين لنفسه بعيد عن عزتها، فالكذاب يقلب الحقائق، فيقرب البعيد، ويبعد القريب، ويقبح الحسن، ويحسن القبيح، قال صلوات الله وسلامه عليه محذراً من الكذب ومما يؤدي إليه: "وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً" وكم من كذبة أوقعت بين الناس عداوة وبغضاً وكم من كذاب فقد الناس الثقة به وعاملوه على خوف وعدم ثقة، والكذب أنواع وأشده الكذب على الله تعالى كالذي يفترى على الله الكذب فيحل ما حرم الله أو يحرم ما أحل الله قال الله سبحانه وتعالى: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلَـٰلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ [النحل:116] وقال الله تعالى: ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب أو كذّب بآياته إنه لا يُفلِح الظالمون [الأنعام:21] .
الصدق كالسيف إذا وضع على شيء قطعه وإذا واجه باطلاً صرعه، وإذا نطق به عاقل علت كلمته وسمت محجته، الصدق مفتاح لجميع الأعمال الصالحة والأحوال الإيمانية، وهو من أفضل أعمال القلوب بعد الإخلاص لله تعالى
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "الصدق أساس الحسنات وجماعها، والكذب أساس السيئات ونظامها". 
نعم.. بالصدق تنال الحسنات وترفع الدرجات وتحط السيئات وهو أساس قبول القربات والطاعات وأصل يسلتزم البر وفي الحديث: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر» [رواه البخاري].
فمن أشد الكذب أن يقول الشخص فتوى أو حكماً ويدعي أن الله قاله أو أحله كالذين ينشوءن كلمات سخيفة ويدعون أنها من كلام الله ولو كان مرادهم الضحك والمزاح فهؤلاء كذبوا على الله قال تعالى: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون [النحل:105] وكالفتاوى الكاذبة التى تحرض على قتل النفس التى حرم الله و ادعاء أن طرق الجنة تمر من هنا وهناك، ونسبة ذلك إلى شرع الله تعالى وكثير ما يفترى البعض أحاديث لاصحة لها وينسبونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أيضاً من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو ادعوا أن فيها تشجيعاً على الخيرات فإن في كلام رسول الله ما يكفي للترغيب في الخيرات وفعل المبرات ولاحاجة للكذب على لسان رسول الله كقول البعض إن الرسول قال من يعمل أو يقل كذا فله كذا من الحسنات فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن كذباً علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمداً فليتبؤ مقعده من النار" فليحذر من التكلم على لسان النبي بغير علم ومعرفة وتحقق .
وقال عبد الملك بن مروان لمعلم أولاده: "علمهم الصدق كما تعلمهم القران".ويقول الشاعر
عود لسانك قول الصدق تحظ به *** إن اللسان لما عودت معتاد 
يقول الإمام بن القيم رحمه الله الصدق ثلاثة أقسام
1- صدق في الأقوال. 2- وصدق في الأعمال. 3- وصدق في الأحوال

الصدق نور ونجاة وثقة، والكذب شيمة أهل النفاق وطريق قصيرة يفضح الكذاب ويمقت ولوتستر بالكذب جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " آية المنافق ثلاث: إذا حَدَّث كَذَب، وإذا وعَد أخلف، وإذا أؤتُمن خان" فالكذب من صفات النفاق كما الصدق من أمارات الفلاح للمؤمن في الدنيا والأخرة قال عليه الصلاة والسلام : "إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يُكتبَ عند الله صديقاً" فلنتحرى الصدق في القول والفعل لنفلح في الدنيا والأخرة.
حديث الإمام الشيخ الشعراوي عن الصدق والكذب

الأحد، 27 ديسمبر 2015

قوم يا مصري، مصر دايما بتناديك


قوم يا مصري، مصر دايما بتناديك
خد بنصري، نصري دين واجب عليك
يوم ما سعدي راح هدر قدام عينيك
عد لي مجدي اللي ضيعته بإيديك
شوف جدودك في قبورهم ليل نهار
من جمودك كل عظمة بتستجار
فين آثارك ياللى دنست الآثار
دول فاتوا لك مجد وانت فوت عار

شفت اي بلاد يا مصري في الجمال
تيجي زي بلادك اللي ترابها مال
نيلها جي السعد منه حلال بلال
كل حي يفوز برزقه عيشته عال
يوم مبارك تم لك فيه السعود
حب جارك قبل ما تحب الوجود
من نصارى ومسلمين لازم نسود
دي العبارة نسل واحد م الجدود

ليه يا مصري كل أحوالك عجب
تشكى فقرك وانت ماشى فوق دهب
مصر جنة طول ما فيها انت يا نيل
عمر إبنك لم يعيش أبدا ذليل
يوم مبارك تم لك فيه السعود
حب جارك قبل ما تحب الوجود
من نصارى ومسلمين لازم نسود 
دي العبارة نسل واحد م الجدود

السبت، 26 ديسمبر 2015

تنابلة السلطان وتنابلة العصر الحديث


في سالف العصور كان هناك سلطان عظيم وكان عنده ثلاثة نفر يمسون ويصبحون في قصره دون عمل أو وظيفة يعيشون من أجرها وهم دون منفعة للسلطان إلا أنهم يأكلون ويشربون وينامون في قصره وهم أقارب السلطان ظلوا علي هذا الحال سنوات إلي أن رأهم وزير السلطان يوما فقال لهم: ماذا تفعلون في القصر 
فقالوا: نأكل من خيرات إبن عمنا (السلطان )ونشرب ونحن له شاكرون
فقال الوزير: أأمنتموه؟ قالوا: كيف؟ قال :أن يغضب عليكم يوما فيطردكم من القصر؟ فكيف ستعيشون؟ فنظروا إلي أنفسهم وقالوا: ما فكرنا في ذلك من قبل وهو ابن عمنا قال: إذا اعملوا عملا ينفعكم ويقيكم مكر الدنيا ومكر السلطان فضحكوا من الوزير بسخرية وقالوا ما خلقنا الله لنعمل فعلم الوزير أنه ليس من الكلام فائدة فتركهم ولسان حاله يقول ما أنتم إلا تنابلة السلطان تأكلون وتشربون وتضحكون وما يمنعكم من هذا إلا النوم ثم ذهب الوزير إلي السلطان وقال لهم مادار بينه وبين هؤلاء التنابلة فدعاهم السلطان فجاؤا ومعهم ثلاثة حراس من البلاط الملكي فقال لهم السلطان نسيت سيفي في غرفة السلاح أسفل القصر وأشار إلي التنبل الأول حتي يفهم أن السلطان يقصد أن يذهب هو ويأتيه به فأشار التنبل إلي الحارس الواقف ورائه أن يذهب ويحضره فذهب الحارس
ثم قال السلطان: هناك شجرة أمام باب القصر تعترض الناس الطريق وأردت أنِ تقطعوها وأشار إلي التنبلين الاخرين فأشار التنبلين إلي الحارسين الواقفين ورائهما ليذهبا ويقطعا الشجرة فذهبا. حينها أماء السلطان برأسه وقال: هناك ثلاثة نوافذ في غرفة نومي أردت أن تذهبوا وتغلقوها قالوا: انتظر حتي يأتي الحراس وكلفهم بهذه المهمة. فقال لهم السلطان: إذا اذهبوا الان قالوا: بل ننتظر حتي ياتي أحد الحراس ليفتح لنا الباب فكاد السلطان أن يشل فقال لهم : إذا كنتم يوما في الغابة وهاجمكم ثلاثة سباع ماذا تفعلون فقالوا: هذا قدرنا. فقال: ولا تجرون ولا تصارعون السباع حتي لا تأكلكم أو تختبؤن قالوا:أونغير قدر الله
حينها ضج الملك ودعا الوزير وقال له: خذ هؤلاء التنابلة الثلاثة واحفر لهم حفرة في الغابة واسقطهم فيها ثم اردم التراب عليهم فأخذهم الوزير وفعل ما طلب منه السلطان إلا أنه لما أراد أن يردم عليهم تراب الحفرة مر رجل يبدو عليه الفقر وقال له لماذا تفعل بهم ذلك فقص عليه القصة فقال له الرجل أتركهم وأنا سأخذهم ينقعون الخبز ويأكلونه فعرض عليهم الوزير ما قال
الرجل فقالوا: إحــــنــا لــســه هــنــنــقــع فقال له الرجل: إردم يا راجل إردم



مصطلح (تنابلة السلطان ):
المصطلح الشعبي(تنابلة السلطان) له قصة تستحق أن تروى، إذ يقال إن أحد السلاطين العثمانيين أمر بإنشاء دار للعجزة والمسنين، وخصص مبلغا للصرف على تلك الدار، لكن تلك الدار خرجت عن مسارها وأهدافها، وغدت ملجأ لكل كسلان، يجد فيها المأكل والمشرب والمأوى، فغضب السلطان حينما تكشفت له أحوال الدار، وأمر بمعاقبة مدعي العجز بإغراقهم في النهر.
وفي الطريق إلى النهر أراد رجل من أهل الخير أن ينقذ هؤلاء الكسالى من الموت، فأخبر الجنود أن لديه مزرعة كبيرة لتربية الأبقار، تتوفر فيها الكثير من المياه، ويجلب إليها يوميا الكثير من الخبز اليابس من فضلات البيوت، ويمكن لهؤلاء أن يعيشوا في المزرعة، ويعتمدوا في طعامهم على تناول العيش اليابس بعد نقعه في الماء، وسمع التنابلة الحوار الذي يجري بين فاعل الخير والجنود، فسألوا فاعل الخير عمن سيتولى أمر نقع الخبز في الماء، فقال: أنتم، حينها صاح كبيرهم يستحث الجند بالإسراع إلى النهر لإغراقهم تنفيذا لأوامر السلطان، وصلوا لدرجة من الكسل لا تمكنهم حتى من صنع الطعام لأنفسهم.
وفي إحدى العواصم العربية ثمة سوق تقدم فيها الخضروات مقطعة ومغسولة وجاهزة للطبخ، ومن أجل ذلك أطلق على السوق أسم (سوق التنابلة(، وزبائنه في الغالب من النساء الكسولات، أو النساء العاملات اللاتي لا يجدن الوقت لتقطيع الخضروات وتجهيزها.
أما عن (تنابلة هذا العصر) فهم هؤلاء الذين أسرفوا في الأكل والشرب‏,‏ فتراخت أبدانهم، ووهنت أرواحهم‏,‏ وشاخوا قبل خريف العمر‏,‏ وأنهكهم التعب واللهاث خلف سراب الوهم‏,‏ متطلعون في حسرة وحقد إلي المتألقين بالحيوية والشباب والناجحين والذين يثير نجاحهم وتفوقهم في قلوبهم الغيظ‏.‏
أصل كلمة ( تنابلة):
(التنبلة) هي أخت البلادة واللامبالاة والتعطيل والإقفال وموت الإحساس وعدمه‏,‏ ويطلق وصف (التنبلة) علي أي إنسان غير قادر علي تحمل أعباء المسئولية بأي شكل من الأشكال‏,‏ وذكر في كتب التراث عن (تنابلة السلطانأنهم اشتهروا في زمن السلطانعبد الحميد " كجماعة من البلداء يرتادون مجالس السلطان ينتظرون الوجبة بعد الوجبة‏,‏ ومع أنهم يحضرون المجالس التي يرتادها العلماء والحكماء والفلاسفة والشعراء‏,‏ فإنه لا يهمهم من المجالس إلا الطعام والشراب‏,‏ ويرددون كلاما يترافق مع هز الرأس مثل: " تشكرات، أمان يا ربي أمان " وهي علامة الرضا والامتنان‏,‏ وقد تنبه السلطانعبد الحميد " لخطرهم علي المجتمع فقام بتخصيص مكان لهم في ضواحي الأستانة‏.
وأذيع بأن المكان معد لإقامة (التنابل) يأكلون ويشربون‏ ويعيشون فيه‏,‏ وانتهي بهم المطاف إلي أن حرقت بيوتهم وقتل من قتل منهم‏,‏ وخصصت الدولة العثمانية وقتها مساعدات لهؤلاء‏,‏ لكن انتشار خبر المساعدات جعل الكبير والصغير والمقمط بالسرير يتخذ من (التنبلة  )مهنة يقتات بها‏,‏ ويقال أيضا إن ( التنبل) هو الشخص الذي لا يهش ولا ينش ولا ينفعل ولا يغضب ولا يفهم وليس له لون أو طعم أو رائحة إنسانية‏,‏ باختصار زى قلته تقوم الدنيا وتقعد ولا يحرك ساكنا‏ ولا يعرف معني لكل فعل رد فعل‏,‏ وأصل كلمة (تنبل) تركية وتعني البليد‏,‏ الكسول‏,‏ وتأتي كفعل في لغتها الأصلية‏.